السبت، 15 أكتوبر 2011

مواطنون من درجات .. أخرى

كتابات - سمير عبد الامير علو

بضع سنوات امضيتها في دولة الامارات العربية المتحدة هربا من ملاحقة فدائيي صدام بسبب مقال كتبته اول سنوات الالفية الجديدة تحت هذا الباب وكان بعنوان (مقاهي أم ملاهي؟) ولم يتضمن المقال سوى انتقادات وجهتها لظاهرة انتشارصالات البليارد في بغداد والمحافظات وتركها دون حسيب أو رقيب مع تزامن خروج تلك الصالات عن شروط اجازتها واختصاصها (الرياضي) ليتعد ذلك الى تقديم عروض افلام اباحية بالسر ، واذا علمنا بان معظم رواد هذه المقاهي كانوا من المراهقين واليافعين الامر الذي يجعل من السهل انجرافهم او التغرير بهم مما يعرضهم الى خطر الانزلاق الى الرذيلة وهذا ما لم يعجب عدّاي (أفندي) الذي أمر بمعاقبتي معتبرا ذلك تجاوز على شخصه واللجنة الاولمبية المختصة بمنح اجازة تلك الصالات ، وهذا بالطبع أمر اقرب الى كوكب عطارد من حقيقة الامر !
ولست هنا بصدد ادعاء دور بطولي أو معارض لنظام صدام حسين كما فعل كثيرون أدينوا قضائيا أو حوكموا لاسباب لاعلاقة لها بالسياسة أو (النضال السري) الذي ادعوه وتمكنوا عبره بعد سقوط نظام الطاغية من الحصول على امتيازات لـ (مظلوميتهم) دون وجه حق ، لكنني بصدد مناقشة ظاهرة يعاني منها كل الذين هاجروا من بلادهم لاسباب شتى وأصبحوا في وطنهم البديل مواطنون من الدرجة الثانية !.
وبالطبع فان هذا الامر لاينطبق على الدول المتقدمة التي تعامل الناس سواسية كأسنان المشط ودون تمييز عرقي أو ديني أو طائفي ولكني اتحدث عن بلدان من ( اشقائنا) يتكلمون لغتنا ويدينون بديننا ويربطنا بهم تاريخ مشترك وعادات وتقاليد وقيم اخلاقية يعربية (دك) النجف علامة ....الطاحونة !!
ولعل دول مجلس التعاون الخليجي الست مثالا لهذا النموذج لاعتمادهم الكبير على العمالة الوافدة بسبب قلة الكفاءات العلمية عدد مواطنيهم وافتقاد العمالة الرخيصة على حد سواء مما يضطرهم للقيام باجراءات صارمة فيما يتعلق بالهجرة ما انزل الله بها من سلطان مثل نظام الكفيل الذي يتفردون بتطبيقه دون كافة دول العالم ، باستثناء مملكة البحرين التي ألغت العمل به قبل سنوات لاسباب (انسانية) على حد تعبير حكومة المنامة الديمقراطية الشعبية ..العظمى!
ولمن لم تتح لهم فرصة الاطلاع فان نظام الكفيل يجعل الوافد (أسيرا) تحت سيطرة مواطن ذلك البلد فلايستطيع ان (يحيص أو ينيص) مادام في كفالة (الارباب) كما يحلو للعمال الاسيويين ان يسمّوه وهو مصطلح يعني رب العمل الذي عليك محاباته كي لايلغي اقامتك ويعيدك لاسالما ولاغانما الى ديارك و(قفاك) يعمّر عيش على وصف اخواننا المصاروة!!
وبالنظر لكون السواد الاعظم من العمالة الوافدة لدول الخليج من دول اسيوية فقيرة مثل الهند وباكستان وبنغلادش واندنوسيا والفلبين ، فانك تراهم يعملون بجد طيلة ساعات الاسبوع وبانصياع شديد خوفا من فقدان الاجرالشهري (الزهيد) الذي ينالونه لان هذا المبلغ يعتبر ثروة في بلدانهم نظرا لتدني سعر صرف عملاتهم المحلية مع العملات الخليجية المتخمة بـ....البيتزا واللحم بعجين !!
قلت لوزير اماراتي سابق ،عملت في مجلته سكرتيرا للتحريرعدة اشهر في العام 2001 وتركتها بسبب جهله (القاتل )بالف باء الصحافة ، لماذا لاتستقدمون عمالة عربية ، عراقية مثلا، بدلا من الاسيوية التي تنذر بالخطورة عليكم لانهم اصبحوا اغلبية شكلت كانتونات عرقية لم تندمج بمجتمعكم ودليل هذا ان معظمهم لايتعلم العربية ويظل يتكلم لغة بلده الاصلي رغم بقاءه سنوات طويلة هنا فاجابني : لانريد لنا (دوخة) الراس فالاسيوي اذا (خزرته) فقط قد يتبول على نفسه أما العراقي فقد يبصق في وجهي لذات السبب !!
وبالطبع (المواطن) الاماراتي الاصلي يتقاضى راتبا ومخصصات اكثر بكثير من أقرانه الوافدين فضلا على العديد من الامتيازات الاخرى ومنها مثلا حسومات تسديد قوائم الماء والكهرباء الشهرية (اللي تكسر الظهر) وقد رأيت المرحوم الشيخ زايد في احدى جولاته وهو يتعجب من وجود مواطنين اماراتيين مازالوا يسكنون في بيوت مؤجرة ؟؟ مطالبا بتشكيل لجنة عليا للتحقيق بذلك الامر ومعالجته لانه يعد من علامات قيام الساعة !
عندما عدت للعراق عن قناعة عام 2004 رغم حصولي على فرصة عمل لاتتاح للكثيرين من اقراني كمدير تحرير لمجلة كبرى تعنى بالمال والاقتصاد ومقرها مدينة دبي للاعلام توقعت ان اجد نفسي في بلدي من جديد ، لكنني الان ادركت بعد السنوات التسع العجاف الماضيات ان وجودي مواطنا من الدرجة العاشرة تربيع في زمبابوي أفضل بكثير من كوني مواطنا من الدرجة الاولى في العراق ... العظيم !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق