الاثنين، 29 أغسطس 2011

العراق, العودة الى نظام البيعة !

هادي جلو مرعي

من حين لآخر كان العراقيون بمختلف فئاتهم ومشاربهم يعلنون البيعة للحاكم الأوحد , مرغمين ,أو راغبين. ويتمنى معظم الساسة أن يبايعهم الناس على الطاعة والولاء, وتحت عنوان ..إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله .. ولا فرق في مكان البيعة... المنطقة الخضراء .او نقابة الصحفيين .أو نقابة المحامين .وأحيانا في الشارع. أو على لسان خطباء المنابر, وحتى المطربين ,وراقصات الهجع ,وبكلمات وقصائد مطلعها يقول: إحنا قلوب بالصندوق خلينا).

الإسلام بدأ ببيعة تحت الشجرة، ومضت القرون لتكون فوق الشجرة. أو في القاعات والنواد ,أو في أماكن بعناوين تتعدد وتتمدد بحسب الظروف والمتغيرات، ومنذ إكتشفت إن معضلة صدام يمكن أن تحل بدبابة من نوع (برادلي) ,تعبر جسر (الملكة المغدورة عالية) عرفت إن صدام لم يكن كل المشكلة.. بل نحن الذين نتلون كالحرباء, ونتلوى كأفعى .وحين تشعر بخطر فإنها تنساب كسيارة من نوع (سايبا) ..

ولا فرق بين أن نبايع صدام. أو ننتخب فلانا من سياسي (هذا الزمن ) ,فلقد كنا نبايع على طريقة سير الخرفان الى المسلخ ,وصرنا بعد 2003 ننتخب على أساس الطائفة والقومية, وهي بيعة شوهاء, فنحن خائفون قلقون, وقد نبايع سياسيا دون أن يكون أهلا للإنتخاب والبيعة, وعلى الأقل كنا في عهد صدام طائعين كالنسوان, ونعرف طريقنا في حال المخالفة (نذهب لما وراء الشمس) أما الآن فقد تاهت علينا, وصرنا نبايع مئات السياسيين, وننتخب أمثالهم ,والمهم أن يكون السياسي المنتخب (شيعيا ، من العمارة ,أو النجف ,فهو يمثلني, أو سنيا من الرمادي ,أو الموصل فهو يمثل صديقي فلان مع إني لا من أهل الجنوب, ولا من أهل الغربية) ..

لم تتوفر الى الآن ثقافة الإختيار في عقل ووجدان المواطن العراقي (المثقف والعادي) والجميع ينتخب (يبايع) لأنه يفكر (ولائيا) ,دون الحديث عن البرنامج وآليات العمل وليس مهما أن يظفر الناس بالنجاح والإبداع ما دامت المكاسب المادية حاضرة ,وحتى لو كان المكسب لوقت قصير فالناس كالبهائم في الغالب .. البهيمة تفكر أو لا تفكر ,ترى الطعام وتلتهمه ,ثم تسترخي, ولا تفكر في الغد . الناس مختلفون بطبيعتهم لكنهم كلما تعقدت حياتهم لا يعودوا مختلفين عن البهائم. الطبيعة البشرية مختلفة عن الحيوانية ,لكن البشر عندنا يسارعون الى محاكاة البهائم فهم مستعجلون, يسارعون الى المكاسب ..

ممارساتنا منذ 2003 في الإختيار تمثل نظام البيعة في عهد ما قبل 2003.. في السياسة ,والصحافة ,والدين ولعب كرة القدم, والعمل ,والعلاقات العامة .. وسواها من مسميات عراقية.

ايهما أفضل ,العودة الى نظام البيعة,أو نظام البعث ؟ لا فرق ففي كليهما سنبايع ..

نحن تعودنا أن نبايع الرئيس, ورئيس الحكومة, والوزير, وشيخ الطائفة ,والعشيرة ,ونقيب الصحفيين ,والاطباء, والمحامين ,والفنانين. ويمكن لنا أن نبايع الآف العناوين, ولهذا نحن عراقيون ...

أجدادنا فضلوا الضب في الصحراء على بيعة علي بن ابي طالب,والشاعر المسكين يقول مخاطبا عليا:لو جئت الآن لحاربك الداعون إليك ولسموك شيوعيا!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق